
حين تتحول السلطة إلى سلاح: الشطط الإداري في الجامعات يهدد البيئة التعليمية
رصد المغرب /
في الوقت الذي يفترض أن تكون فيه الجامعة فضاءا للعلم والمعرفة والعدالة، باتت بعض الكليات تشهد ممارسات تعكر صفو الحياة الأكاديمية، وتتنافى مع مبادئ الإدارة الرشيدة والشفافية، في مقدمتها “الشطط في استعمال السلطة” من قبل بعض المسؤولين الإداريين.
فالطلاب أصبحوا ضحية لقرارات تعسفية لا تستند إلى القانون أو المنطق، بل تبنى أحيانا على المزاجية أو الحسابات الشخصية ، وبدلا من أن تكون الإدارة الجامعية راعية للمصلحة العامة، تتحول في بعض الأحيان إلى طرف يمارس الإقصاء والتضييق، سواء عبر رفض ملفات دون مبرر، أو التهديد بقرارات تأديبية، أو حتى استعمال النفوذ لتصفية حسابات ضيقة، أو الطرد والمنع من ولوج فضاءات الجامعة رغم الانتماء وفي أي لحظة ولو كنت مسجلا في سنة دراسية ، فالأمر أصبح ملكا خاصا لمسيريه ، فأين هي المساءلة؟ وقبلها المراقبة؟.
يطرح كثيرون هذا السؤال أمام غياب آليات فعالة للمراقبة، أو ضعف استجابة الجهات الوصية للشكاوى المتكررة، وفي حالات عدة، تطوى الملفات دون تحقيق، وتطمس الحقائق بدعوى الحفاظ على “سمعة المؤسسة”، لكن الحقيقة هي أن الكل متورط في الفساد الإداري والتدبيري للمؤسسات العمومية وخاصة المؤسسات التعليمية، فأين تكمن دعوات الإصلاح؟.
فهناك مراقبون وحقوقيون شددوا على ضرورة إعادة النظر في طريقة تسيير بعض الكليات، مطالبين بخلق قنوات واضحة وآمنة للتبليغ عن التجاوزات، مع ضمان عدم تعرض المشتكين لأي نوع من الانتقام الإداري ، وللقضاء على هذه الظواهر لا يكون فقط بإصدار القوانين، بل بتفعيلها ومحاسبة كل من يتجاوز حدوده، فحرمة الجامعة لا تقف عند جدرانها، بل تشمل أيضا كرامة كل من ينتمي إليها.
الشطط في استعمال السلطة ليس فقط جريمة إدارية، بل خيانة لرسالة التعليم وقيم العدالة، فإلى متى سيظل صوت الضحية بلا صدى؟ وأين تقف وزارة التعليم العالي من كل هذا أمام رسالة هذه الطالبة الذي جاء فيها ما يلي ؟.
مكناس في الجمعة 18 أبريل 2025
من الطالبة: صباح بوكة
رقم المسار: M143051957
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس
إلى السيد وزير التعليم العالي
الموضوع : منعي من الدراسة
تحية طيبة وبعد،
يؤسفني أن أتقدم لدى حظرتكم بمظلوميتي هذه لعلكم تتدخلون لدى إدارة الكلية واشتطاطها في استعمال السلطة .
وأحيطكم علما، السيد الوزير، أنني، مغربية، طالبة جامعية بجامعة مولاي اسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس بسلك اجازة التميز الاعمال و العقار، مجازة سابقا من نفس الكلية تخصص القانون الخاص باللغة العربية سنة 2020 ، واجهت عدة صعوبات وعراقيل في متابعة دراستي في سلك الماستر، ما دفعني إلى التسجيل في إجازة التميز باعتبارها نافذة ووسيلة تتيح لي الولوج لهذا الأخير مباشرة .
صباح يوم أمس الخميس 17 أبريل توجهت صوب الجامعة حاملة معي كتبي وحاسوبي لإنهاء البحوث المطالبة بها من طرف الأستاذ بمكتبة الكلية ، فإذا بي أقابل بالمنع من ولوج الحرم الجامعي من طرف الكاتب العام ومساعدته المدعوة “حسنة” بدعوى أن المكتبة مغلقة في حين أكد لي رفاقي أنها مفتوحة وينتظرونني هناك !
أخبرت الكاتب العام أن رفاقي ينتظرونني في المكتبة لإتمام البحث، وأنها مفتوحة خلاف ما قال لتبرير منعي من الدخول، فرد علي قائلا : (أنتي بالضبط مادخليش) . وعندما استفسرته ما إذا كان سبب منعي من الدخول هو ارتدائي للكوفية الفلسطينية لأنه ركز طول الوقت فيها وهو يتحدث إلي؟ أجابني : خلينا ساكتين ! . أما مساعدته المدعوة “حسنة” فأمرتني بالذهاب إلى حال سبيلي والعودة في المساء لحضور المحاضرات المسائية المبرمجة .
انتظرت طيلة اليوم أمام الكلية تحت أشعة الشمس الحارقة حتى الثانية بعد الزوال فاتجهت رفقة زميلة لي صوب بوابة الكلية المطوقة برجال الأمن الخاص بالكلية وكذا السلطات الأمنية، سمحوا لزميلتي بالدخول بعد إدلائها ببطاقة الطالب أما أنا فتم منعي مجددا رغم إدلائي ببطاقة الطالب فقد أصدر الكاتب العام امره لحارس الأمن الخاص، مشيرا بإصبعه تجاهي: هادي بالضبط ماتدخلش !
استفسرته مجددا ماسبب منعي من الدخول فأجابتني مساعدته المدعوة(حسنة) بالسؤال : ما اسم الأستاذ الذي سيحاضر الآن أجبتها الأستاذة (آ.ف) مادة التأمينات المالية فقاطع الكاتب العام حديثنا وأخبرني أن الأستاذة اعتذرت عن الحضور وأتمت مساعدته (حسنة) أن الأستاذة (آ،ف) بمدينة مراكش حاليا . تواصلت مع منسقة الفصل وأخبرتني أن الأستاذة في المدرج تشرع في إلقاء محاضرتها لتصلني بعد ذلك رسالة أخرى على الواتساب من زميلة أخرى تخبرني أن أسرع في الدخول إلى المدرج لأن الأستاذة بدأت في المحاضرة ولكون الحضور إلزامي لكل طلبة سلك التميز (لائحة الغياب إجبارية)، تعجبت من هذا التناقض والكذب من طرف هؤلاء الموظفين وواجهت المدعوة (حسنة) برسائل الواتساب المكتوبة والمسموعة من طرف المنسقة والتي تبين كذبها (المساعدة) بشأن غياب الأستاذة لتصرخ هذه الأخيرة بوجهي قائلة : قلت ليك الأستاذة فمراكش !
غادرت موفوضة أمري لله ..و في صباح يومه الجمعة 18أبريل 2025 توجهت صباحا على الساعة 10 لحضور حصة المنازعات الإدارية المبرمجة على الساعة العاشرة والنصف بعد إدلائي ببطاقة الطالب للأمن الخاص، يتكرر المشهد مرة أخرى حيث تم اعتراضي من طرف عنصر الأمن الذي خاطبني قائلا : “أنتي تسناي هنا حتى تشوف حسنة شنو غادير معاك ” انتظرت أمام باب الكلية حتى تقدم صوبي الكاتب العام فسألته عن سبب منعي ثانية فأخبرني قائلا : سيري حتى الإثنين عاد أجي تقراي .. ليتمم كلامه (البارح منتمية واليوم مامنتامياش للنشاط؟) لم أفهم قصده واستفسرته مجددا (كيفاش منتمية أو غير منتمية؟ ) أنا لا أنتمي لأية جهة كيفما كانت وغرضي الوحيد هو التحصيل العلمي والأكاديمي المحض ورغبتي في الحصول على إجازة التميز .
أمام تعنت هؤلاء المسؤولين في إدارة الكلية، انسحبت، بخيبة، ورجعت للبيت مستغربة من هذا القمع والمنع اللامشروع ومن حرماني من الحصص بشكل متكرر.
لهذا، السيد الوزير، أبعث إليكم بهذه الرسالة طالبة تدخلكم لوضع حد لهذا الشطط في استعمال السلطة حيث يعمل المسؤولون، خلاف ما هم مؤتمنون عليه، بمنع الطلبة من التحصيل المعرفي بدل مساعدتهم على ذلك كما يقتضي واجبهم التربوي .
أما ارتداء الكوفية، فهذه قناعتي أعبر بها عن تضامني مع الشعب الفلسطيني المظلوم، ولا دخل لأحد فيها، وليس في ذلك أي مس بالقانون ولا بالنظام !
في الانتظار، تفضلوا السيد الوزير بقبول احتراماتي وتقديري .
الإمضاء :بوكة صباح
إرسال التعليق