
رحيل بصمت: صراع السلطة والتكنوقراط بين ترامب وماسك
رصد المغرب
في مشهد وداعي حمل دلالات سياسية عميقة، ودّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مستشاره المثير للجدل إيلون ماسك، في ما يبدو أنه آخر ظهور رسمي له ضمن اجتماعات مجلس الوزراء، أول أمس الأربعاء. كلمات ترامب التي جمعت بين المزاح والتقدير، كشفت عن نهاية علاقة كانت مشوبة بالتوتر، وأحيانًا بالصدام العلني.
ماسك، الذي جلس مرتديًا قبعتين ترمزان لثنائية نشاطه السياسي والاقتصادي، إحداهما تحمل شعار وكالته “DOGE” المعنية بتقليص حجم الحكومة، والثانية كتب عليها “خليج أمريكا”، بدا وكأنه يلخص مسيرته المربكة بين قاعات القرار ومراكز الابتكار. مزحة ترامب: “أنت الوحيد الذي يمكنه فعل ذلك دون أن يُحاسب”، ردّ عليها ماسك ساخرًا: “كما يقولون، أنا أرتدي الكثير من القبعات”، في تعبيرٍ ساخر عن تعدد أدواره وتشابك مصالحه.
غير أن خلف المزاح، كان وداع ترامب أشبه بتقييم علني لإنجازات ماسك، حيث قال: “كنت سندًا حقيقيًا وألهمت الكثيرين… قمت بعمل مذهل… 150 مليار دولار، وقد يتضاعف الرقم”. لكن هذه الإشادة لم تُخفِ ما تم تداوله عن الخلافات الداخلية التي أنهكت العلاقة بين الطرفين، والتي شملت مشاحنات مع وزيري الخارجية والمالية، ما أدى إلى تقليص نفوذ ماسك السياسي وتحويله إلى دور استشاري محدود.
مغادرة ماسك جاءت وسط تراجع مالي كبير في بعض استثماراته، أبرزها انهيار أرباح تسلا بنسبة 71% وخسائر في ثروته بلغت 113 مليار دولار، بحسب مؤشر “بلومبرغ”. ومع ذلك، فإنه يخرج من الساحة السياسية محتفظًا بلقبه كأغنى رجل في العالم، بفضل الأداء القوي لشركاته الخاصة، مثل “سبيس إكس” و”نيورالينك”.
هكذا ينتهي فصل معقد من العلاقة بين البيت الأبيض وقطب التكنولوجيا، فصلٌ كشف عن الهوة بين منطق التكنوقراط ورجال الأعمال، وبين تعقيدات العمل السياسي الأمريكي، حيث لا تكفي العبقرية وحدها لتجاوز صراعات المصالح والسلطة.
إرسال التعليق